عمر الخیام النیسابوري ..الشاعر وعالم الفلک والریاضیات الذي أبهر العالم بثقافاته الغنیة

يصادف يوم 18 مایو 2021 ذكرى ولادة الشاعر الايراني الحکیم عمر الخيام النيسابوري واحد من الشعراء والفلاسفة الكبار، الذي ترك أصداء مدوية في أرجاء العالم المحتفي بالفن والفكر والتأمل وكان علاّمة عصره، فقد جمع الفلك إلى الفقه، والطب إلى قراءات القرآن الكريم، والفلسفة إلى علوم اللغة، والشعر إلى الكيمياء، واللاهوت إلى الرياضيات والتاريخ.

عمر الخیام النیسابوري ..الشاعر وعالم الفلک والریاضیات الذي أبهر العالم بثقافاته الغنیة

نبذة عن حياته

ولد غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم،  في مدينة نيسابور، في إیران في أواخر النصف الأول من القرن الحادي عشر للميلاد. ما بين 1038 و1048م  وكان سبب تسميته بالخيام نسبة لعمله وهو صغير، حيث كان يعمل في صناعة الخيام وبيعها.

وقد قضى جزءا من طفولته في مدينة بلخ وكان أثناء صباه يدرس مع صديقين حميمين، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يؤاتيه الحظ الآخرين، وهذا ما كان. فلما أصبح صديقه نظام الملك “وزيراً للسلطان “ألب أرسلان”، ثم لحفيده “ملكشاه”، خصص له راتباً سنوياً يتقاضاها من بيت المال كل عام، من خزينة نيسابور؛ فضمن له العيش في رفاهية مما ساعده على التفرغ للبحث والدراسة. وقد عاش معظم حياته في نيسابور وسمرقند.

كان كثير السفر لرغبته الشديدة في طلب العلم، التي كانت حينها في أوج ازدهارها العلمي قام بالدراسة على يد الإمام موفق نيسابوري، الذي كان يعتبر واحدا من أعظم معلمي منطقة خراسان، إلى أن انتهى به المطاف واستقر في بغداد.

وكان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل: بخاري وبلخ وأصفهان، رغبة منه في التزود من العلم ، وتبادل الأفكار مع العلماء.

وتقرب الحكام إلى الخيام لصفاته العلمية والأدبية، فكان السلطان ملكشاه السلجوقي ينزله منزلة الندماء، وكان الخاقان شمس الملوك البخاري يجلسه معه على عرشه، كما كان صديقا لنظام الملك وحسن الصباح.

وقد ألبت هذه المكانة التي تبوأها الحساد والخصوم ضده وحاولوا النيل منه بأي طريقة، فطعنوا في عقيدته وذهبوا إلى أنه إباحي وباطني ومستهزئ بالدين ونسبوا إليه الزندقة واللا أدرية والدهرية، ودسوا عليه بعض الرباعيات للنيل منه.

و كان متسامحا يرى أن التسامح هو اللبنة الأولى في بناء الصداقة، كما كان عاشقا للجمال والحياة والحب، روحه معلقة بالمحبوب دائما.

من أساتذته : أبو الحسن الأنباري الحكيم كان حكيماً، والغالب عليه علم الهندسة، وكان الحكيم عمر الخيام يستفيد منه.

ومن اهم تلاميذه:  أبو المعالي عبد الله بن محمد الميانجي وعلي بن محمد الحجازي الطبيب الذي كان مقيما في ” بيهق ” بقرب نيسابور، له علم بالمعقولات.

وأتقن  الخیام ، اللغتين الفارسية والعربية وكتب وألف فيهما، ومؤلفاته متنوعة ومختلفة في معظم المجالات والمعارف والعلوم، لكنها تعرضت للتلف والنهب والحرق ولم ينجُ منها إلا القليل.

وبالرغم من أنه يشهد للخيام بالألمعية في علوم الرياضيات والفلك والنجوم؛ فإن شهرته أتت من رباعياته التي نظمها باللسان الفارسي، وانداحت على ألسنة أقوام شتى، جعلت منه فارسيا يتحدث ويغني بكل لغات العالم ، ويدخل معه الآلاف محراب الشك واليقين ، الذي مازال قائما بعد رحيله منذ ألف سنة.

وبلغت شهرة الخيام ذروتها بمقطعاته الشعرية ” الرباعيات ” نظمها شعرا بالفارسية، وترجمت إلى العربية واللاتينية والفرنسية والانكليزية والالمانية والايطالية والدنمركية وغيرها.

كان الخیام يتمتع بذكاء استثنائي وبراعة ذهنية خارقة جعلته يلم بالكثير من علوم عصره وينبغ فيها، مثل الرياضيات والفلك والطب والفلسفة والمنطق والطبيعيات فضلا عن الفلسفة والأدب والعلوم الإلهية.. وهو صاحب رباعيات الخيام المشهورة.

ويمكن ذكر عدد من إنجازاته في ما يلي:

عالم رياضيات لاحظ أهمية (نظرية ذات الحدين).

جمع بين براعته في الرياضيات ونبوغه في الشعر، وإن دل هذا الأمر على شيء فإنما يدل على نبوغه وعبقرتيه.

قام الخيام بتدريس فلسفة ابن سينا لعدة عقود، وخاصة في منزله بمدينة نيسابور، حتى وفاته.

أعمال الخيام الشعرية تفوقت على شهرته كـ عالم رياضيات، وقد كتب حوالي ألف من العبارات ذات الأربعة أسطر أو (الرباعيات).

ظهرت عبقريته في أجناس مختلفة من الآداب والفنون والعلوم.

قدم الخيام إنجازات أساسية في فلسفة الرياضيات وخاصة في الرياضيات والفلسفة الفارسية والتي يتشابه فيها معظم العلماء والفلاسفة الفرس الآخرين مثل ابن سينا، البيروني، والطوسي.

إنجازاته كانت فيه الشعر لاقت شهرة كبيرة، ومما أضفى عليه شهرة كونه عالما من علماء الرياضيات، حيث اشتهر بالجبر، فقد حل معادلات الدرجة الثانية بطريقة هندسية وجبرية، ونظم أيضا المعادلات وحلها، كما توصل إلى حلول هندسية جزئية لأغلبها، وقد اهتم الخيام بنظرية ذات الحدين فبحث بها في حال كون الأس صحيحا موجبا.

هو من علماء الفلك أيضا فكان مسؤولا عن مرصد أصفهان، وعدل التقويم الفارسي القديم مستبدلا إياه بآخر أكثر دقة وسهولة.

نبوغ في علم الفلك، فقد عين مديرا لمرصد بغداد، ولشدة اهتمامه بالفلسفة قرن اسمه باسم ابن سينا الذي كان له مقالات كفرية تخرج عن الإسلام.

هو أول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع الـمخروط.

ولم ينبغ الخيام في الرياضيات فحسب، بل برع أيضاً في الفلك. وقد طلب منه السلطان “ملكشاه” سنة 467هـ/1074م مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم. وجعلوا النيروز عند نزول الشمس، أول الحمل. وكان النيروز قبل ذلك عند نزول الشمس نصف الحوت. ويقول “سارطون”: إن تقويم الخيام، كان أدق من التقويم الجريجوري.

وقام الاتحاد الدولی للمنجمین IAU بتسمیة ثقب فضائي یبعد ملیارات السنین الضوئیة عن الارض باسمه وذلك في العام 1980 تثمنیا لخدمات خیام في عالم التنجیم.

الرباعيات هي عبارة عن مقطعات من أربعة أشطار، الشطر الثالث مطلق بينما الثلاثة الأخرى مقيدة، وهي تعرف باسم الدوبيت ( دوبيتى ) بالفارسية، وقد ألفها بالفارسية. كان في أوقات فراغه يتغنى برباعيات في خلوته، وقد نشرها عنه من سمعها من أصدقائه، وبعد عدة ترجمات وصلت لنا كما نعرفها الآن.

تم ترجمة رباعیاته الى الكثیر من لغات العالم ومنها ، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الإسبانية، العربية، التركية، الروسية، اليابانية، الأرمينية، والإيطالية.وغیرها وان اكثر ترجمة للاشعار الفارسیة هي للشاعر خیام وهناك اكثر من 80 ترجمة باللغة العربیة لرباعیاته .

إن رباعیاته هي التي كانت وراء شهرته الواسعة في العالم، خاصة عقب ترجمتها من قبل إدوارد فتزجيز إلى الإنجليزية، ترجمت الرباعيات إلى العربية شعرا ونثرا، بالفصحى وبالعامية، سواء عن الإنجليزية أو الفرنسية أو الفارسية، وقد ترجمها إلى العربية نثرا: أحمد حافظ عوض، مصطفى وصفي التل، محمد المنجوري، جميل صدقي الزهاوي، وممن ترجمها شعرا: إسكندر معروف، وديع بستاني، عبد الرحمن شكري، عبد اللطيف النشار، محمد السباعي، أحمد رامي، وأحمد الصافي النجفي.

ويزيد عدد الترجمات العربية من رباعيات الخيام عن ستين ترجمة شعرية ونثرية وشعبية. وآخر من قام بترجمة شعرية هو محمد صالح القرق الإماراتي، طبع الطبعة الأولى سنة 1429ه ــ  2008م.

ان اشعار خیام وبعد اكثر من ثمانیة قرون على وفاته لازالت موجودة وبقوة في الغرب بحیث یمكن اعتباره كأفضل شاعر ادبي عرفه العالم على الاطلاق بحیث كتب المؤلف البریطاني المرموق ' رابرت غریوز' (ان الشعر الفارسي من افضل الاشعار عالمیا) .