منظومة "میر" الروسیة فی إیران.. هل تشکل بدیلا لنظام سویفت المالی؟

لطالما شكلت مواجهة "العقوبات" الغربية هاجسا مشتركا لإيران وروسيا، واحتل موضوع تخفيف آثار الحظر حيزا كبيرا من مباحثات قادة البلدين طيلة السنوات الماضية، ووجدت طهران وموسكو في ربط الأنظمة المصرفية سبيلا فاعلا لتسهيل المبادلات المالية بعيدا عن نظام "سويفت" (SWIFT) المالي العالمي.

منظومة "میر" الروسیة فی إیران.. هل تشکل بدیلا لنظام سویفت المالی؟

 

وبعد مضي نحو شهر على آخر لقاء جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي في العاصمة طهران؛ حيث توج حينها بالإعلان عن بدء التعامل بالريال الإيراني مقابل الروبل الروسي في مبادلاتهما، كشفت طهران مؤخرا عن أحدث ما توصل إليه الجانبان لتطوير نظام مشترك للرسائل المالية.

في غضون ذلك، كشف "مهدي صفري" نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الاقتصادية، عن تدشين العمل ببطاقات "مير" المصرفية الروسية خلال الأيام القليلة المقبلة في بلاده، مؤكدا أن روسيا وإيران "اتفقتا على إنشاء نظام نظير لسويفت للتسويات المتبادلة بينهما وبين عدة دول أخرى".

وفي الجانب الروسي، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف عقب استقباله نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في موسكو، الأسبوع الماضي، أن هناك مفاوضات موضوعية جارية على مستوى البنوك المركزية بين روسيا وإيران، معربا عن ثقته بأن يتم دمج نظامي الدفع المصرفيين "مير" الروسي و"شتاب" الإيراني في المستقبل القريب.

ويجمع مراقبون إيرانيون على أن ربط المنظومتين المصرفيتين مير الروسية وشتاب الإيرانية، يأتي للتخلص من الدولار في تعاملاتهما ومواجهة "العقوبات" الغربية المفروضة على كل من طهران وموسكو، مستدركين أن الأخيرة سرّعت من جهودها لترويج منظومتها المصرفية عقب تزايد الضغوط الغربية عليها بسبب حربها المتواصلة على أوكرانيا.

بديلا لسويفت

ويربط الباحث في الاقتصاد السياسي "بيمان يزداني"، بين التعاون المتنامي بين طهران وموسكو والضغوط الأميركية، مؤكدا أن الجانبين الإيراني والروسي يبحثان منذ فترة عن آلية للمبادلات المالية خارج إطار الأنظمة المالية الخاضعة للهيمنة الأميركية.

واتهم يزداني، في حديثه للجزيرة نت، الولايات المتحدة باستخدام أنظمة المبادلات المالية العالمية كسلاح لمواجهة خصومها ومنافسيها، مشددا على قدرة القوى الشرقية على إنشاء أنظمة بديلة لسويفت وشركتي فيزا وماستر كارد.

ووصف الباحث الإيراني، ربط المنظومتين المصرفيتين الروسية والإيرانية بأنه خطوة مهمة للالتفاف على العقوبات الغربية من جهة، وتحرير العلاقات التجارية والمالية بين طهران وموسكو من جهة أخرى، مؤكدا أن توسيع نطاق التجربة لتشمل دولا أخرى من شأنه أن يشكل منافسا فاعلا لنظام سويفت العالمي.

وعزا يزداني، أحد أهم أسباب عدم استقرار سعر صرف العملة الصعبة وتذبذبها في أسواق الصرف إلى خسارة العملة الوطنية قيمتها بسبب الضغوط الخارجية والحظر على المبادلات المالية، مؤكدا أن دمج المنظومات المصرفية بين إيران وروسيا سينعكس إيجابا على استقرار سعر صرف العملة في البلدين، وسيقوض قدرة الولايات المتحدة على التحكم بالأنظمة المالية العالمية، على حد تعبيره.

المبادلات التجارية

ورأى يزداني، أن دمج نظامي الدفع المصرفيين الإيراني والروسي سيوفر أرضية متساوية للتبادل المالي بين البلدين، مستدركا أن حجم الاقتصاد وحجم التجارة الخارجية لكل من طهران وموسكو سيحدد الجهة الأكثر استفادة منه.

ومن خلال الإحصاءات التي نشرتها منظمة الجمارك الإيرانية نهاية يوليو/تموز الماضي، تبيّن للجزيرة نت أن تجارة إيران مع روسيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الإيراني الراهن (بدأ يوم 21 مارس/آذار الماضي) بلغت أكثر من 508 ملايين دولار مسجلة ارتفاعا بنسبة 11%.

كما شهدت قيمة الصادرات الإيرانية إلى روسيا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تراجعا بنسبة 15% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في حين ارتفعت الواردات الإيرانية من روسيا بنسبة 22% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

خطوة منقوصة

من ناحيته، اعتبر الباحث الاقتصادي كريم أسدي، منظومة "مير" للدفع المصرفي النسخة الروسية لبطاقات فيزا وماستر كارد العالميتين، مؤكدا أن تثبيت نظام الدفع الروسي في طهران سوف يسهّل على رجال الأعمال والسياح المبادلات المالية والدفع بالريال والروبل.

و"عملية دمج نظامي الدفع المصرفي بين إيران وروسيا منقوصة وقد تأخرت نحو 3 أعوام"، وفق أسدي الذي أوضح في حديثه للجزيرة نت، أنه كان من المقرر تدشين هذه الخطوة قبيل مونديال روسيا 2018 حيث سافر حينها آلاف الإيرانيين إلى الجارة الشمالية لمشاهدة مباريات كأس العالم لكرة القدم.

وأشار أسدي، إلى اتفاق موسكو وطهران على حذف عملة الدولار من مبادلاتهما التجارية والتعامل بالريال الإيراني مقابل الروبل الروسي، مؤكدا ضرورة تحويل التوافقات الثنائية الروسية مع الدول الأخرى، لتثبيت نظام "مير"، إلى نظام مالي متعدد الأطراف للاستغناء عن نظام سويفت العالمي.